المبحث الأول: تعريف مكون التعبير والإنشاء ومنهجية إقرائه.
يعد مكون التعبير والإنشاء منتهى
الأنشطة والمصب النهائي لمختلف مكونات اللغة العربية، إذ يوظف فيه المتعلم كل
موارده ومكتسباته في مكون النصوص والدرس اللغوي، ومهاراته وقدراته وخبراته التي
اكتسبها أثناء تعليمه.
كما أنه يفسح المجال أمام
المتعلم للتعبير عن أفكاره، واستثمار مكتسباته، وتجاربه، وخبراته، وإظهار قدراته
اللغوية والتعبيرية والمنهجية[1]، فيسمح بذلك مكون التعبير
والإنشاء للمتعلم بتحقيق التواصل مع العالم عن طريق اللغة وإظهار موقفه منه،
"فهو إذن معيار من معايير تتبع نمو التعلم لدى التلاميذ"[2]، والنفاذ إلى جوهر الأشياء، من
خلال نقلها عن طريق اللغة.
وهو-التعبير والإنشاء- أيضا مجال
لمعرفة مدى تحقق وثبات التعلمات السابقة في بعدها الوظيفي، وتنص التوجيهات
الإصلاحية الجديدة على التخلي عن الأسلوب التقليدي في تدريس الإنشاء (المواضيع).
والأخذ بطريقة التمهير "أي جعل نشاط التعبير هو مهارات بعينها منتقاة
بحسب الحاجة إليها في الحياة اليومية وفي اكتساب التعلمات"[3]، فالتعبير هو "الإفصاح
عما في النفس من الأفكار والمشاعر بالطرق اللغوية المعروفة، الكتابية والشفوية، أو
بالمحادثة بالتعبير التقليدي"[4].
فالاسترسال في انجاز هذه المهارة
تتطلب من المتعلم امتلاك رصيد معجمي يمكنه من تحويل ما يروج في ذهنه إلى تعدادات
لغوية مكتوبة أو شفوية تيسر له عملية الإنتاج والتعبير وتمكنه أيضا من حضور
النفس الطويل في عملية الكتابة إضافة إلى ذلك السلامة الإملائية، والصرفية،
والنحوية، والتركيبية.
يعد "التعبير الكتابي نشاطا
إدماجيا هاما للمعارف والقدرات والمهارات اللغوية المكتسبة ومؤشرا واضحا على تحقيق
الكفايات المطلوبة"[5]، وتمكن المتعلم من الكفاية
التواصلية بأبعادها:
- التعبيرية،
- الإملائية،
- الصرفية،
- التركيبية،
التي تعمل
بشكل متداخل على تحقيق السلامة اللغوية عند المتعلمات والمتعلمين، والكشف عن
تجليات التفاعل بين الذات والموضوع في الدرس الانشائي من خلال الكتابة كقيمة شكلية
أساسية تجمع بين اللغة والأسلوب[6].
أهمية مكون التعبير والإنشاء :
قبل الاشتغال على هذه الورقة راج
ببالنا العديد من التساؤلات، والتي مفادها:
- ما الفائدة من تدريس مكون التعبير والإنشاء ضمن مكونات مادة اللغة العربية،
- وما موقعه ضمنها؟ وماهي الكفايات التي يستهدفها مكون التعبير والإنشاء؟
يعد مكون التعبير والإنشاء
الحلقة الأساس ضمن مكونات مادة اللغة العربية كما أسلفنا الذكر، حيث يتيح للمتعلم
إمكانية استثمار كل موارده وتوظيفها، فيجعل بذلك –مكون التعبير
والانشاء-"المتعلم قادرا على الاندماج في الحياة الاقتصادية والاجتماعية
والسياسية، والانخراط في كل القضايا، الفردية والجماعية"[7].
وأن يأخذ موقع الفاعل والموجه
على أساس أنه يستثمر المداخل التي تنص عليها المناهج التربوية، على أساس أن مكون
التعبير والإنشاء يعد بمثابة الحقل الخصب الذي يعكس مدى تمكن المتعلمات والمتعلمين
من مكونات أخرى.
كمكون الدرس اللغوي ومكون النصوص، وتوظيفهما في مكون التعبير
والانشاء على اعتباره غاية في ذاته ومنتهى الأنشطة ومقصدها الذي يتيح للمتعلم
تفجير:
- إمكاناته،
- مهاراته،
- طاقاته التعبيرية والأسلوبية، والمنهجية، والتخيلية...،
- توظيفها بالشكل المطلوب.
إلى جانب كل هذا يمكن مكون
التعبير والإنشاء المدرس من تشخيص التعثرات وتحديدها، وتصنيفها قصد بناء خطة
علاجية تتلاءم مع طبيعة هذه التعثرات، فيعمل مكون التعبير والإنشاء بهذا المعنى في
مجمله العام على تخصيب وتطوير أسس الكتابة والتعبير.
عن طريق التدرب الممنهج والمنظم
قصد، تزويده بالأليات التي تمكنه من الانفلاق من الضوابط الموجهة لأسس
الكتابة إلى الوصول لمرتبة عالية من درجات إتقان المهارة، قصد إنشاء متعلم
مغربي منسجم مع ذاته ومحيطه، ومنفتح على الحياة و العوالم الخارجية بشكل يتناسب مع
مدخل القيم الذي تهدف إليه المدرسة المغربية قصد إنشاء جيل من الكتاب والنقاد
مستقبلا.
أهداف التعبير الكتابي :
يسعى مكون التعبير والإنشاء في شقه الكتابي إلى تحقيق مجموعة من الأهداف والمرامي ولعل أبرزها هو تطوير المهارة الكتابية عند المتعلمات والمتعلمين، وهناك أهداف أخرى يمكن عرضها على الشكل التالي:
- "تحقيق التكامل العضوي بين مختلف مكونات اللغة العربية، بحيث يشكل التعبير الكتابي ملتقى جميع المكونات.
- تنمية قدرة المتعلم على التعبير عما في ذهنه من آراء ومشاعر باستعمال أفكار متناسقة ولغة سليمة خالية من الأخطاء.
- تزويد المتعلم بالمبادئ الأساسية والقواعد والتقنيات المختلفة التي تساعده على التعبير.
- تمكين المتعلم من استثمار الثروة اللغوية التي يكتسبها في مكونات اللغة العربية وغيرها.
- تدريب المتعلم على التنظيم وجمال التنسيق.
- تنشيط تفكير المتعلم وتنظيمه، والعمل على تنمية خياله.
- ربط اللغة بالحياة من خلال الاشتغال على وضعيات ترتبط بمحيط المتعلم وقيمه"[8].
- ضبط تقنيات إنتاج خطاب كتابي يبرز تكامل مداخل مكونات اللغة العربية.
:ديدكتيك مكون التعبير والإنشاء
أنشطة الاكتساب :
تعتبر أنشطة الاكتساب الخطوة
الأولى لتعلم أي مهارة، فمن خلالها يقوم الأستاذ بتوجيه المتعلمين نحو حيثيات
المهارة المستهدفة بشكل متدرج ابتداء من التعريف بالمهارة وذكر العناصر المكونة
لها عن طريق إما أمثلة أو نص أو وثائق، حسب خصوصية المهارة، وفي ختامها يتأكد
الأستاذ من مدى تمكن واستيعاب المتعلمين لها.
أنشطة التطبيق :
وهي المرحلة الثانية من
مراحل مكون التعبير والإنشاء، يطبق فيها المتعلم ما اكتسبه في أنشطة الاكتساب،
وفيها يذكر المدرس المتعلمين بما تطرقوا له في أنشطة الاكتساب، ويقدم لهم نص
الموضوع الذي سيشتغلون عليه، وفي هذه العملية يمكن للمدرس أن يقسم المتعلمين إلى
مجموعات، وطرح أسئلة مع ترك المجال للمتعلمين للإجابة عنها، وفي الأخير يتم تجميع
الإجابات لإتمام المهارة.
أنشطة الإنتاج :
وفيها يقدم المدرس للمتعلمات
والمتعلمين نص الموضوع الذي سيشتغلون عليه بخصوص المهارة، مع تقديم نصائح وتوجيهات
عن كيفية الاشتغال:
- تحديد عدد الأسطر.
- التركيز على الموضوع.
- الحفاظ على نظافة الورقة.
- وضوح الخط.
مع فسح المجال لهم من أجل الاشتغال، ثم جمع
الإنتاجات قصد تصحيحها.
أنشطة تصحيح الإنتاج :
هي المرحلة الأخيرة من مراحل
مكون التعبير والإنشاء، حيث يقوم فيها المدرس بتوزيع الإنتاجات بعد تصحيحها،
ووقوفه مع المتعلمين على التعثرات والأخطاء الموجودة في الإنتاجات وتفييئها في
جدول يبين نوع الأخطاء: تعبيرية، إملائية، إعرابية، منهجية، وتصويبها.
[1] البرامج والتوجيهات التربوية
الخاصة بسلك التعليم الثانوي الإعدادي، مادة اللغة العربية، مديرية المنهاج
والحياة المدرسية، غشت، 2009.ص: 26.
[2] دليل الأستاذ، الأساسي في
اللغة العربية، السنة الثالثة من التعليم الثانوي الإعدادي، ص:65.
[3] المرجع
نفسه، الصفحة نفسها.
[5] عبد الرحمان التومي:
منهجية التدريس وفق المقاربة بالكفايات، السنة: 2008، ص:123.
[6] تأليف مشترك: تدريس
الانشاء، واقع وافاق، دار الخطابي، السنة: 1990، ص:9.
[7] عزيز بقنطار، الاكتساب
اللغوي وظاهرة التعثر في مهارات التعبير والإنشاء، ص:188.
التسميات
مقالات