بيداغوجيا المشروع (تعريفها، أهميتها، أهدافها):

- اصطلاحات بيداغوجيا المشروع (تعريفها، أهميتها، أهدافها):

تعريف بيداغوجيا المشروع :

تعرف "بيداغوجيا المشروع" بأنها: "طريقة تمتد الى عمق فلسفة (جان جاك روسو J.J. Rousseau) في التربية الذي دعا الى استخدام المشروع لمرحلة المراهقة"[1]. وبالنسبة إلى (Boutinet) فبيداغوجيا المشروع "ممارسة في المشروع، مركزا، وبإلحاح على دراسة طرائق البحث العلمي والتقني المشروع، أكثر من التركيز على المشروع في حد ذاته"[2]


بيداغوجيا المشروع (تعريفها، أهميتها، أهدافها):
بيداغوجيا المشروع (تعريفها، أهميتها، أهدافها):


وعرف مفهوم "بيداغوجيا المشروع" شكلا متطورا عند (وليام كلباتريك (W. Kilpatrick إذ عرفها ب: " وحدة أو فاعلية أو تجربة ذات دوافع داخلية موجهة نحو هدف معين"[3] . 

تروم تمكين المتعلم من الانسجام في خضم فعل تربوي تعلمي فردي أو تشاركي في سيرورة تفاعلية دينامية، ذات خريطة عمل "تساتل نحو هدف محدد، وتتضمن خطوات تحل مشاكل واقعية".[4]

تعمل بيداغوجيا المشروع على تسطير الأنشطة وفق برنامج يراعي خصائص أعضاء مجموعة معينة، حيث تنظر إلى ذات المتعلم وفق نظرتين:
  • النظرة الأولى: تتجلى فيما يمكن أن تحققه ذات المتعلم من نتائج عند الاشتغال على نشاط معين بمفردها.
  • النظرة الثانية: تتمثل فيما يمكن أن تحققه الذات نفسها من نتائج في إطار الاشتغال مع أعضاء مجموعة معينة    من زملائه، ضمن سياق يسمح لهم بتبادل الخبرات، والمعارف، والمتمثلات، والبحث بشكل تتظافرفيه الجهود نحو تحقيق الهدف نفسه، في جو مليء بالتنافس الشريف والرغبة في تجاوز الصعوبات.
إذ يعمل المدرس على وضع خطة علاجية لمشكلة معينة من خلال وضع مشاريع تقدم أنشطة تستمد طبيعتها من المشكلة المطروحة بشكل يثير دافعية التعلم عند المتعلم ويجعله عنصرا فاعلا ومتفاعلا مع أعضاء المجموعة التي ينتمي إليها، فهي بيداغوجيا "تقوم على تقديم مشروعات للتلاميذ في صيغة وضعيات تعليمية تعلمية"[5].

ولعل الاشتغال في إطار مشروع مجموعة، يضم متعلمين مختلفين على مستوى القدرات الذهنية والمعرفية والفكرية،   يدفعنا إلى التساؤل حول وضع الفرد داخل الجماعة؟ خصوصا أننا نعلم أن لكل متعلم عوالمه الخاصة، ورؤيته المتفردة التي ينطلق منها في رؤيته للأشياء، والتي تمييزه عن الاخر.

إذا كيف تنصهر ذات المتعلم مع أعضاء المجموعة التي يشتغل فيها؟ وماهي الجوانب التي تعمل بيداغوجيا المشروع على تحقيقها في المتعلم؟ وكيف يمكننا استثمار ما تتيحه هذه البيداغوجيا من إمكانات تمكننا من الحد من تفاقم استعمال العامية في مكون التعبير والإنشاء عند متعلمي السنة الأولى إعدادي، وإغناء رصيدهم المعجمي؟  
وما هي أهمية بيداغوجيا المشروع؟

- أهداف بيداغوجيا المشروع : 

تروم بيداغوجيا المشروع تحقيق مجموعة من الأهداف التي تعمل على صقل قدرات المتعلم وتطوير إمكانياته بشكل يموقعه في صلب الأهداف التي تسعى المدرسة المغربية الجديدة تحقيقها، "فالهدف من المشروع هو تهيئ المتعلمين لمهن الغد، أو تحفيزهم لتحقيق شيء مادي ملموس.

أوتشجيع متعلمي مختلف الحقول العلمية والمعرفية للعمل ضمن فريق واحد"[1]  فتؤهل هذه البيداغوجيا التجمع، بشكل علمي، بين البعدين التربوي والاجتماعي المتعلم في امتدادها المهني والاقتصادي"[2].

انسجاما مع طبيعة المشكلة المشتغَل عليها في هذا البحث، وهي "استعمال العامية المغربية بمكون التعبير والانشاء في شقه الكتابي لدى متعلمي السنة الأولى إعدادي"، وتقدمنا في البحث، وأيضا من خلال الاستفادة من خبرات الأساتذة السابقين، تبين لنا أن العمل وفق بيداغوجيا المشروع كحل تجريبي وتأسيس مشروع للقراءة والمسرحة، سيساعدنا على تقليص هذه الظاهرة وإضعافها. 

ويمكننا من تطوير وتنمية الرصيد المعجمي لدى المتعلمات والمتعلمين، هكذا قمنا بتأسيس أنشطة صفية تستهدف وضع المتعلم في سياقات تواصلية يمارس فيها فعل التواصل باللغة العربية الفصحى بشكل تداولي تفاعلي مع الاخر.

قصد أن يتمكن من  اكتساب معجم مهم يولد من خلاله معان جديدة بشكل يسمح له بالتعبير عن خواطره وما يروج في عوالمه، في سياق تتظافر فيه جهود المجموعة بشكل تعاوني، منطلقين من أنشطة مختلفة مسارها  على الشكل التالي: من فعل القراءة إلى فعل الكتابة ومن فعل القراءة  والحفظ إلى فعل  المسرحة.

- أهداف مشروع القراءة

يسعى مشروع القراءة المقترح إلى حل ظاهرة استعمال العامية المغربية لدى متعلمي السنة الأولى إعدادي، وذلك عبر تسطير خطوات منهجية تعمل على تنمية رصيد المتعلم المعجمي، وتزويده بمفردات فصيحة ليولد منها معاني مختلفة تسمح له بالتعبير والانتاج. 

مستثمرا ما اكتسبه من خلال فعل القراءة الحرة في إنتاجاته وخطاباته الكتابية على وجه الخصوص بمكون التعبير والإنشاء، وهذا ما عملنا من أجله إذ قمنا بتأسيس ناد للقراءة تحت اسم "القراءة حياة".

- خطوات المشروع :

في هذه الورقة سنعمل على تحديد الخطوات والمراحل المنظمة لعملية القراءة، من مرحلة تقسيم المتعلمين إلى مرحلة إعادة إنتاج المقروء، مع عرض صور مصاحبة لمختلف المحطات التي مررنا منها، في سياق العمل بالمجموعات.

- المرحلة الأولى:

- مرحلة تقسيم المتعلمين:

في هذه المرحلة استهدفنا الجانب التنظيمي، غير أن عملية التقسيم لم تكن عشوائية واعتباطية، وإنما قسمنا المتعلمات والمتعلمين لمجموعات متقاربة مختلفة الجنس، تراعي عددا من الجوانب أهمها الذكاءات المختلفة الموجودة داخل الفصل الواحد، ثم بعد ذلك ووزعنا عليهم عددا من القصص البسيطة والغنية بالمفردات الأكثر استعمالا وتداولا.

- المرحلة الثانية:

- مرحلة القراءة والاستماع:

في هذه المرحلة طلبنا من المتعلمات والمتعلمين قراءة القصص الموزعة عليهم بشكل فردي، ثم بعد ذلك قراءتها بشكل جماعي قراءة متأنية وسليمة قصد تثبيت عدد من المفردات في أذهانهم، طالبين من المتعلمات والمتعلمين توزيع عملية القراءة فيما بينهم حتى يشارك الجميع في فعل القراءة، وضمن السياق نفسه طلبنا منهم تدوين عدد من المفردات.

- مرحلة الثالثة:

- تدوين المفردات:

في هذه المرحلة طلبنا من المتعلمات والمتعلمين أخذ ورقة قصد تسجيل المفردات التي:

ü    أثارت انتباههم؛

ü    لم يتمكنوا من فهمها؛

ü    لم يجدوا مرادفا أو ضدا لها في رصيدهم المعجمي الذهني.

قمنا في هذه المرحلة بشرح المفردات التي دونها المتعلمون محاولين إغناء رصيدهم المعجمي بالضد، والشرح، والمرادف، وتسجيل هذه المعلومات أمام كل مفردة مع مرادفها، وضدها، وشرحها، وبعض سياقاتها التي قد ترد فيها بمعان أخرى مختلفة، مع تقديم شبكة لبعض المفردات واشتقاقاتها.

والملاحظ في هذه المرحلة تدوين المتعلمات والمتعلمين عددا كبيرا من المفردات التي يعرفونها والتي لا يعرفونها، لكن في كل مفردة لا يتمكن المتعلمون من تقديم مرادف واحد لها، في حين يتمكن عدد قليل من المتعلمين من الوصول إلى ضد المفردة أو مرادفها أو سياقات أخرى لها.

- المرحلة الرابعة:

- مرحلة إعادة إنتاج المقروء.

الهدف من هذه المرحلة: تثبيت المعجم المكتسب من فعل القراءة، والاستماع والتدوين كتابيا، وتوظيفه في إنتاجات أخرى.

في هذه المرحلة طلبنا من المتعلمات والمتعلمين إنتاج قصص على منوال القصص المقروءة، لكن بشكل يتجاوزون فيه حدود الأحداث والوقائع الواردة في القصص السابقة (التي تمت قراءتها) لبناء عوالم سردية جديدة.

موظفين فيها المفردات التي وقفوا عندها في مرحلة القراءة ودونوها، وقد تمكن فيها المتعلمون من إنتاج نص يحاكي النص النموذج المقدم لهم، بشكل جماعي تشاركي تفاعلي.

مع توظيف بعض المفردات التي اكتسبوها ورسخت في أذهانهم، والملاحظ في هذه المرحلة أن ما يحتاجه المتعلم لممارسة فعل القراءة هو توفير ظروفها الصحية وبيئتها الآمنة وتوفر الوسائل اللازمة لتشجيعهم وتحبيبهم في القراءة، على أساس أن توفير هذا الجو يثير دافعية وحافزية التعلم والقراءة عندهم.

خاتمة

فإذا جعلنا فعل القراءة عملية مستمرة عند المتعلم سنضمن تجاوزه لمجموعة من الصعوبات التي استهدفناها أم لم نستهدفها في هذا البحث، كما أننا سنضمن توظيف المتعلم لمعارفه السابقة، باعتبار أنه يعود إلى النهل من آخر مكتسب المتحقق لديه وهذا هو رهاننا من مشروع القراءة، أي أن يستثمر المتعلم ما قرأه في إنتاجاته المستقبلية.

 


[1] محمد سمكان: الخطاب الأيقوني بالمقررات المدرسية ودوره في مساعدة "الأستاذ الرئيس" على مواكبة المشروع الشخصي للمتعلم(ة)، الثقافة الأيقونية في المناهج الدراسية بين الدعامات الورقية والرقمية تصور للمغايرة والبدائل، ص:103.

[2] الزهرة ابراهيم: بيداغوجيا المشروع وإمكانات تعزيز دافعية التعلم داخل المدرسة العمومية المغربية، الدافعية داخلية المنشأ وبدائل التعليم والتعلم في المدرسة العمومية المغربية، ص:152.


[1] الزهرة إبراهيم، بيداغوجيا المشروع وإمكانات تعزيز دافعية التعلم داخل المدرسة العمومية المغربية، الدافعية داخلية المنشأ وبدائل التعليم التعلم في المدرسة العمومية المغربية، فريق البحث المدرسة وبدائل التعلم écoAltA المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين الرباط سلا القنيطرة، مطابع الرباط نت، شتنبر 2018، الطبعة الأولى، ص:151.

[2] محمد سمكان: الخطاب الأيقوني بالمقررات المدرسية ودوره في مساعدة "الأستاذ الرئيس" على مواكبة المشروع الشخصي للمتعلم(ة)، الثقافة الأيقونية في المناهج الدراسية بين الدعامات الورقية والرقمية تصور للمغايرة والبدائل. تنسيق وإعداد: الزهرة إبراهيم، تقديم: عبد الرزاق المصباحي. فريق البحث المدرسة وبدائل التعلم écoAltA المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين الرباط سلا القنيطرة، مطابع الرباط نت، اكتوبر 2021، الطبعة الأولى، ص: 102.

[3] الزهرة إبراهيم، بيداغوجيا المشروع وإمكانات تعزيز دافعية التعلم داخل المدرسة العمومية المغربية، الدافعية داخلية المنشأ وبدائل التعليم والتعلم في المدرسة العمومية المغربية، ص: 151.

[4] المرجع نفسه، ص: 152.


إرسال تعليق

أحدث أقدم
اعلان ادسنس بعد مقالات قد تعجبك

نموذج الاتصال