تحضير نص: نحن والمعالم الأثرية

 تحضير نص نحن والمعالم الأثرية:


نص قرائي

نحن والمعالم الأثرية




 لم أنس موعد الجمعة، فبعد الصلاة مررت على رقية وهنية ورافقتهما إلى دار عبد الصمد ⸨بساحة مولاي المهدي⸩.


رحبت بنا زوجته، وسلم علينا إبراهيم، وحضرت أختي السعدية وزوجها، وحضر أيضا كمال وزوجته والصغيرة نعيمة.

وغاب نجيب كما كان منتظرا، في حين اعتذرت فاطمة متعللة بضيق الوقت الإداري ونقاهة محمود.

وأخذنا الحديث قبل الغذاء وبعده، الكسكس بالدجاج والسمن والزبيب والبصل، أما أنا فقد اكتفيت بالخضر والفواكه. وجرنا الكلام إلى عتاقة المدينة موضوعنا الأزلي، فقال كمال متأسفا:

⦅- تعبيد الدروب القديمة بالرمل والإسمنت بدل الأحجار الصغيرة المغروسة أسهم في تشويه سحر المدينة..⦆.

وعاكسه عبد الصمد:

⦅- السكان تكاثروا والحياة الاجتماعية ازدادت تعقدا، ولذلك أضحى التبليط الإسمنتي عمليا أكثر من الحجارة...⦆.

ورد كمال من جديد:

⦅- أنا أتكلم من المنظورين المعماري والعملي في وقت واحد، الأحجار المغروسة لن تعوق الإصلاحات في حال إصابة المرافق الأساسية للمدينة. الواد الحار وأنابيب المياه وقواديس ماء السكوندو.. كل ذلك يمكن إصلاحه مع وجود الججارة...⦆.

وقلت من موقع المسؤولية التي أكتوي بنيرانها:

⦅- أنا من أصحاب الإبقاء على كل المعالم الأثرية في وضعها القديم... الأقواس والسقايات والطرق الحجرية وقواديس السكوندو .. وإذا كان ثمة ضرورة للإصلاح فلا بد من أن تنجز من أجلها دراسات دقيقة ومناسبة على أساس حفظ المعالم كما هي .. وإلا ما أهمية هندسة الطرق وترميم الأثار إن لم تجمع بين الحسنيين؟...⦆.

ورافقني كمال لكنه أردف:

- المشكلة أ، الناس ليسوا كلهم على رأي واحد. هناك نقص في درجة الوعي إن لم أقل بالجهل. تصوروا أني ركبت في المدة الأخيرة سيارة أجرة ورحنا نخوض أنا والسائق الشاب في مسألة الاكتظاظ، وضرورة توسيع الطرق، فإذا به يتحمس لفكرة فتح طريق فسيح وسط المدينة العتيقة يفضي إلى باب القلعة.

وعندما استغربت هذه الفكرة وقلت للسائق: إن الأمر يتعلق بأثار قيمة وفريدة من نوعها في العالم يحسب عمرها بمئات السنين، وأ، اليونسكو اعتبرتها تراثا إنسانيا، لم يبال بكلامي، واكتشفت أن الجيل الجديد لا يملك أية معلومات عن مدينته، ولا يقدر أهميتها.

ثم عاودني الحنين إلى نقطة البداية، قلت متحسرا:

⦅- أسفي على الحجارة التي كانت مرصوصة بعضها على بعض في انتظام جمالي مدروس. حجارة الجانب الأيمن من الطريق ثم حجارة الجانب الأيسر .. مكورة الرأس .. رمادية .. ملساء .. متلاحمة .. وفي الوسط أحجار مغروسة في خطوط طويلة قد يستدل المارة بعددها ورموزها لمعرفة إن كان الطريق يفضي أو ينتهي إلى مأزق..

أسفي على الأبواب العتيقة برموزها الأندلسية ومساميرها المحدودبة، ودقاقاتها الحديدية المتقنة الصنع.. لقد غدت تقتلع وتباع أو تكسر من غير أن تشفع لها قرونها الطويلة...⦆.

ولم يقابل عبد الصمد التحسر بالتحسر وإنما مضى يردد أفكاره المحفوظة لدينا: 

⦅- إذا كنتم من أصحاب الإبقاء على الآثار كما هي فأنا معكم، ولكن لا بد أن تبحثوا لنا عن حلول عملية لترويج الصناعة التقليدية والإسهام في نقلها وإيصالها إلى الناس وإلا ستحكم عليها بالموت. المدينة كبرت، والإقبال خجول، والمرافق ضيقة. إنكم لا تقدرون مدى العذاب الذي نقاسيه كل مرة نتلقى فيها بضاعة أو طلبا خارجيا: فسيارات الهوندا لا تستطيع الوصول إلى الخرازين، وإنما تتوقف قريبا من باب المقابر فنضطر إلى حمل البضاعة بالعربات البدوية من البزار إلى الحدود الخارجية للمدينة...⦆.
مقتطف من رواية المصري، للكاتب محمد أنقار

🔵 تأطير النص:

1- صاحب النص: محمد أنقار كاتب وأديب مغربي ولد عام 1946م، وتوفي سنة 2018م، من أهم مؤلفاته:"مجموعة قصصية المؤنس العليل".

2- نوعية النص: نص سردي مقتطف من رواية.

3- مجال النص: المجال السكاني.

🔵 ملاحظة النص:

1- تحليل العنوان: يتشكل العنوان من جملة إسمية، تشير إلى سكان منطقة معينة، وعلاقتهم بآثار أجدادهم القديمة.

2- تحليل الصورة: صورة فوتوغرافية، تعبر عن تمازج وتلاحم الآثار القديمة المبنية من الحجارة والتي يقف عليها السياح، وأبنية حديثة مصبوغة باللون الأبيض.

؟ الفرضية: من خلال المؤشرات السابقة نفترض أن النص سيتناول علاقة السكان بمعالم أجدادهم العريقة.

🔵 الفهم:

1- الإيضاح اللغوي:
  • متعللة: متحججة، مقدمة حجج وعلل.
  • نقاهة: هي المدة التي يقضيها المريض في فترة تماثله للشفاء.
  • عتاقة: قدم وعراقة.
  • الأزلي: الذي ليس له أول، أي القديم.
  • تعبيد: أي جعلها مستوية وممهدة.
  • عاكس: خالف.
  • التبليط الإسمنتي: أي فرش الأرض بمادة الإسمنت.
  • السكوندو: هي شبكة قديمة لتوزيع المياه الصالحة للشرب.
  • ترميم: إصلاح ومعالجة.
  • مرصوصة: منتظمة، موضوعة بعضها على بعض.
2- الحدث العام:

- الحوار الأزلي بين العائلة حول الحفاظ على المعالم الأثرية للمدينة، أو تجاوزها بمبرر النمو الديموغرافي وحاجة الناس للتحديث في المدينة.

3- الأحداث الجزئية:

الفقرة الأولى: من بداية النص إلى ونقاهة محمود: 
1- عدم نسيان السارد لموعد اجتماع العائلة يوم الجمعة في منزل عبد الصمد.

الفقرة الثانية: من وأخذنا الحديث إلى مع وجود الحجارة: 
2- تناول وجبة الغذاء، وبداية الحوار بين كمال المتشبث بالإبقاء على المعالم الأثرية، وعبد الصمد الذي يحبذ تعبيد الطرق بالاسمنت وتحديثها.

الفقرة الثالثة: من وقلت من موقع إلى قرونها الطويلة: 
3- حوار بين السارد وكمال، حول الحفاظ على جمالية المعالم الأثرية، ضعف درجة الوعي عند الناس بأهمية الآثار القديمة، وتأسف السارد عن ضياع هذه الأخيرة.

الفقرة الرابعة: من ولم يقابل إلى آخر النص: 
4- ترديد عبد الصمد لأفكاره في ضرورة تسهيل الطرق والمعابر للحرفيين والمهنيين والتجار، مع الحفاظ على الآثار.




🔴 التحليل:

1- الشخصيات:
  1. السارد: يهتم باجتماع العائلة والأصدقاء، ويقوم بمبادرة جمعهم، يأكل الخضر والفواكه.
  2. كمال: رجل، متزوج، له ابنة، يعشق التراث القديم، ويدافع عن ضرورة إبقائه.
  3. عبد الصمد: رجل، متزوج، يجتمع الأضدقاء في منزله، يحاول التحديث في المدينة لتسهيل التنقل فيها، مع الحفاظ على المعالم الأثرية.
  4. سائق سيارة الأجرة: شاب، غير مكترث لمعالم المدينة الأثرية.
2- الزمان: 
  • موعد الجمعة.
  • بعد الصلاة.
  • قبل الغذاء وبعده.
  • المدة الأخيرة.
3- المكان:
  • دار عبد الصمد بساحة مولاي المهدي.
  • المدينة.
  • الدروب القديمة.
  • سيارة الأجرة.
  • وسط المدينة، باب القلعة، الأبواب العتيقة، سيارات الهوندا، باب المقابر، البزار، الحدود الخارجية للمدينة.
عناصر الحكي:

- السرد: مررت على رقية، حضرت أختي، جرنا الكلام، اكتفيت بالخضر.
- الوصف: متأسفا، متعللة، موضوعنا الأزلي، أكتوي بنيرانها، مكورة الرأس.
الحوار: فقال كمال، أنا من أصحاب الإبقاء.. قلت للسائق، إنكم لا تقدرون مدى العذاب...

🔴 التركيب

يشكل النمو الديموغرافي في المدن التاريخية العتيقة عائقا للمحافظة على المعالم الأثرية فيها، فبتكاثر السكان تكثر حاجاتهم، ويحتاجون لمساحات لبناء منازل جديدة، وتوسيع الطرق لاجتناب الاكتظاظ والازدحام في الشوارع.

لكن  هذا لا يمنع من المحافظة والإبقاء على كافة المعالم الأثرية القديمة في المدن التاريخية، وهنا يأتي دور الجماعات المحلية في نشر الوعي بقيمة هذه المعالم، وترميمها والعناية بها، وإيجاد حلول لمشكل النمو الديموغرافي مع الإبقاء على المعالم الأثرية.


للاطلاع على النص الموالي المرجو الضغط عليه: تحضير نص مضار التدخين.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال